دمشق
قد أتيتُ إلى رحابك يادمشقُ
فهزَّ قلبي نسيمُ صباكِ الأرقُّ
فقد مالَ مع الهوى وهو طرِبٌ
ترفَّقْ بي ياقلبُ ما هذا الخَفْقُ
القلبُ يرقصُ من وصلها فرِحاً
لعمري طابَ له الهوى والعشقُ
بشّمِّ قاسيونَ يَكْتحلُ ناظري
وبجمالِهِ تُمَتَّعُ الروحُ والحَدَقُ
فعلى سفوحهِ قدْ ماجَ الهوى
ورقصَ الغرامُ طرِباً والشوقُ
ياجِلَّقُ اهنئي بقلبٍ قد وهبتُهُ
لحبكِ ياقلبي ففي حبكِ الرفْقُ
أنتِ الحنونُ والأمُّ الرؤومُ أبداً
فاحْني علينا فنحن في البعدِ رِقُّ
غدونا أيتاماً على موائدِ لُؤْمِهم
و مرارةُ الحزنِ لكل عظمٍ تدقُّ
أُسائلُ النفسَ عن هولِ ماجرى
أخرافةٌ هو فتقولُ بلْ هو صِدْقُ
يستعرُ فيَّ الألمُ ويحرقُ مهجتي
ويزدادُ فيَّ من دمعِ عيني الحرْقُ
أُنادي ويرجعُ إليَّ الصدى مكتئباً
لَِم يابَني الشآمِ التخاصمُ والعَقُّ
قدِ احمرَّتِ الجنانُ من فِعالكم
واسْوَدَّ في السماءِ الزرقاءِ أفقُ
كم من عازلٍ سُرَّ بأشلاءِ جميلةٍ
وعلى طُهرِ أشلائها رقصَ حُمْقُ
إن سَرَّكم جراحاتُها فتربَّصوا
بالباغين يحيقُ السوءُ والمحقُ
فللحريةِ الحمراءِ طبولُ حربً
لكلِّ طامعٍ بتربِ الشآمِ تُدقُ
تنازعنا الحريَّةَ وهي مِنَّا براءٌ
فضاعتْ بيننا الرحمةُ والرِفْقُ
فالحريةُ نهجٌ لنا وأسمى غايةٍ
هي لكل امرئٍ في الورى حقُّ
فكم غفتْ بمَرِّ الزمانِ عروسٌ
وقد أيقظها نورُ ضُحاها الأرق
نهضتْ تحتسي فنجانَ قهوتِها
على سفحِ قاسيونَ والهوا طَلْقُ
أنا بعهدِ غرامِكِ لازلتُ متمسكاً
ماهانت العِشرةُ والهوى يادمشقُ
أنا الحلبي و لي قصيدةٌ دمشقيةٌ
بعبيرِ ياسمينها تلأْلأَ الحبرُ والوَرَقُ
قد جئتُكِ فالتأمتْ جراحاتُ قلبي
وطابَ له الوصلُ وانتظمَ الخَفْقُ
أليستْ الشآمُ أمَّاً على بنيها حنوناً
والأمُّ الحنونُ يابَني الشآمِ لا تُعَقُّ
فقدْ غسلت مُرَّ أحزاني في بردى
حتى استأنسَ لبردى منيَ الخَفْقُ
أما شربتم يابنوها جُرعةً من مائهِ
فلا تفاوتَ لمن شربَ منه ولا فَرْقُ
سماؤها سِتْرٌ لكم وستبقى عزيزةً
وبحبِّ أرضها يابَني يَنْبُضُ العِرْقُ
فكم شربنا غرامَها بالحبِّ صرفاً
وكم سقى ترابَها من جباهِنا العَرَقُ
كلما رَتَّقْتُ جرحاً من أساها نازفاً
سالتْ الأحزانُ بي وتعاظمَ الفَتْقُ
كفاكم يا بَني الشآمِ خصاماً وتقاتلاً
متى قلوبُكم تلينُ للتداني متى تَرِقُّ
هي أرضُ السلامِ وهي للإسلامِ مهدٌ
و للمجدِ والتاريخِ في أرضها أفْقُ
رمى الله من رامها بسوءٍ بحجارةٍ
من سجَّيلٍ تعصفُ به وفيها المَحْقُ
ياجِلَّقُ يا مدينةً قد تزَيَّنَ الجمالُ بها
فمن بردى يُسْتَقَى الحبُّ و العِشقُ
هذي الشآمُ مهدُ العشقِ وسِرُّ الهوى
هي نِعْمَ الهوى لقلبي ونِعْمَ الخَفْقُ
أول الخطى فيها و هي أولُ منزلٍ
وكلُّ عشقٍ في القلوبِ أوله دمشقُ
فانهضي للوصالِ ياعروسُ و تزيني
أقبل العشاقُ ياعروسُ والبابُ يُدَقُّ
ضمينا إلى صدركِ ياعزيزةَ قلوبنا
ياعروساً قد تباهى الغربُ والشرقُ
فكم اختالَ الجمالُ مزهواً بأرضها
وكم وكم بحسنها قد سُحِرَ الخَلْقُ
نعم أحبكِ يادمشقُ وحبُّكِ لي عزٌّ
تاللهِ عشقُ عينيكُ ياجِلَّقُ يُسْتَحَقُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق