قذى بِعَينكِ ؟ " لا؛ في العينِ أخبارُ
و هل تُدارى بعينِ اليُتمِ أسرارُ
لا تكتمُ العينُ ما في القلبِ من ألمٍ
و كيف تُخفي؛ و فيضُ الدمعِ إقرارُ
تبكِي عُروبُ على الغالي؛ و حُقَّ لها
و هل تَعِزُّ بأرضِ الخيرِ أمطارُ ؟
تبكِي عُروبُ عليه الدهرَ أجمعَهُ
و تستزيدُ؛ و في العينينِ أنهارُ
وما الحبيسةُ في دارٍ و واحِدُها
ينسلُّ منها برَغمٍ و هْوَ مُنهارُ
في عَجزِها تستغيثُ اللهَ؛ يحفظَهُ
آهاتُها من لهيبٍ ، دمعُها نارُ
يومًا بأوجدَ منها حينَ فارقَها
شِقُّ الفؤادِ؛ و في الأضلاعِ صَبَّارُ
و مَن كوالدِها يَحنُو على كَبِدٍ
مِن عطفِه - عُمرَها - ترعَى و تمتارُ
هذا " دِيابُ " عزيزُ النفسِ صائنُها
سمحٌ إذا القومُ في أحكامِهم جارُوا
هذا " دِيابُ " جوادٌ رغمَ حاجتِهِ
و اسألْ تُجِبْكَ عن الأخبارِ زُوَّارُ
هذا " دِيابُ " شريفٌ؛ صانَ عِفَّتَهُ
عن الحرامِ؛ و لم يُركِعْه دُولارُ
و إنّ باشَا قنوعٌ؛ و الورَى طمِعُوا
لم تُغرهِ من نفيسِ الدُّرِّ أحجارُ
و إنّ باشَا حكيمُ القومِ إن جَزِعُوا
و إنّ باشَا برغمِ الحزنِ صَبَّارُ
و إنّ باشَا عظيمٌ في تَودُّدِه !
للكلِّ - مهما قَسَوا - في قلبِه دارُ
و اسألْ صغيرًا بكَى في حِجرِه؛ فمضى
يهدهِدُ الدمعَ تغنيجٌ و قيثارُ
و اسألْ كبيرًا أتَى يرجُو معونتَه
كم نالَ منها؛ و لم تحجُبْه أعذارُ
و اسألْ ليالِي الأسَى؛ كم قامْ يدفعُها
منه اليقينُ بأنّ اللهَ جبَّارُ
و اسألْ فؤادًا هوَى للهِ مبتهلًا
و أذرعًا رُفِعت؛ و الدمعُ مدرارُ
و مَن كذاكَ الغريبِ اشتاقَ ضَيعتَه
يكوِيه مِنها بكفِّ البُعدِ تذكارُ
و فارقَ الكونَ؛ و الحرمانُ يُرهِقُهُ
و في الفؤادِ ديارٌ خانَها الجارُ
لِيَبكهِ الشعرُ؛ لن يرقَى لِمَوطئِه
و هلْ رثَتْ يومًا الأوطانَ أشعارُ
ليبكهِ الأهلُ حين التيهُ يأخذُهم
في حَلْكةِ الليلِ؛ و الألبابُ تحتارُ
ليبكهِ مستجيرٌ لم يَجِدْ سَكَنًا
و مُوحَشٌ ما له في الدّارِ سُمّارُ
لتبكهِ كتبٌ تاقَتْ لِلمستِه
و ياسَمينٌ و جُوريٌّ و نَوَّارُ
لتبكهِ الأرضُ ! بلْ فلتَحتفِلْ؛ فلَقد
ضَمَّتْ حبيبًا؛ ثَراهُ الغضُّ مِعطارُ
______//_______
الأديب/عماد كورشى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق