- رومــــا الحلــــم والمقبــــرة
- ****
- القادمون من الأقاصي
- من الفقر
- من أرض وراء البحر
- ومن أرض تلي ما وراء البحر
- إلى القدر المخيفِ
- هنا إجتمعوا
- النائمون على الرصيفِ
- بجانبي...تحتي...وفوقي
- على كتفي النحيفِ
- هنا إجتمعوا
- المالئون شوارع "روما" و "فودجا"
- الباحثون عن الرغيفِ
- هنا إجتمعوا
- ***
- قال الفتى لصديقه :
- الليلة تمطرُ
- قال الصديق : وما يضيرُ ؟
- قد نزعت ملابسي لأنام هذه الليلة عارٍ
- وتبلِّلُ الامطار كلَّ شيء حولنا
- ويظلُّ ثوبي غير مبتلٍّ نظيف
- ***
- "شيرنيولا"
- أيتها المدينة الخضراء بأيدي الفقراء
- علبُ "التُنِّ" و "السردينِ"
- شوارعك و"ساحة الحشر "فيك
- سياط تلهب جسدي
- يا مدينة الغرباء
- ما كنتُ أدركُ قبل الآن معنى الإنحناء
- ولكني إنحنيتْ
- "ميلا ليرة"
- ثمن الصندوق مجموعا معبَّأْ
- ويداي دَمِيَتَا في تراب ليس لي
- "ميلا ليرة"
- صوت فلاح ينادي الغرباء
- يسمعون....يسرعون
- يرطنون كلمات حفظوها بالتبني
- وأنا في موقفي أجمع نفسي
- ....أنتظرْ
- من يناديني لأعملْ
- كامل اليوم وأبذلْ
- وأعود في المساءْ
- أشتري خبزا وجبنا وشموعا
- وأمنِّي النفس بالشغل غدَا
- ***
- أمطرتْ
- هكذا قال الصديق لصديقه آسفا
- وانزوى الإثنان في الركن حزينين
- (هذا يوم آخر قد ضاع منَّا)
- وانزويتُ مثلهما في الركن وحدي
- ويدايْ تمسكان بعض أوراق قديمة
- وقرأتُ كلماتْ
- كانتِ الأولى - حبيبي -
- هكذا كانت رسالاتُ الحبيبة
- أملا يشحذ نفسي
- ويعيد لي إتزاني في لياليا العصيبة
- ***
- "شرينيولا"
- يفتحُ -البارُ- مساء بابه
- للذين قد سقوا هذه الأرض صباحا عرقا
- يشربون هاهنا
- ربما تنسيهمُ الكأسُ الضياع
- يشربون...يسكرون...يثملون
- لم تزدهم كأسهم إلا ضياعا وشقاءْ
- أهلكَ الجهدَ الصباحُ...والدنانيرَ المساءْ
- وأنا في موقفي أجمع نفسي
- أحتسي قهوتي وأعيدُ الذكريات
- كم حلُمتُ قبل أن آتي لروما
- وبنيتُ في خيالي عالما خصبا جميلا
- كم حلُمتُ وتركتُ الحلم يكبُرْ
- كبُر الحلمُ....تعالى
- وتهاوى
- عادَ "نيرون" لروما
- وأنا عدتُ من الحلم لأبحثْ
- عن مكان أتقي فيه الرياح وانامْ
- ***
- آه..يا أنتِ
- ولا أنثى سواكِ أوثقتْ قلبي وشدَّتني إليها
- غُربتان هاهنا في غربتي
- غربتي الأولى هنا
- أنني أحيا بلا شغل ومأوى
- أنني أستشعر الخوف هنا في كلِّ لحظة
- أنني عنكِ بعيد
- غربتي الأخرى ضياعي
- بين هذا الواقع المرِّ وأحلامي الكبيرة
- وأنا حدَّثتُكِ عن غدنا قبل أن آتي لروما
- وبنيتُ في سماء الحلمِ قصرا
- وزرعتُ ساحة القصر كروما
- فإذا القصر يميدْ
- هل أعودْ...كيف يا أنتِ أعودْ ؟
- أو إذا شئتِ بماذا؟
- بوعودٍ مثلما كنتُ ذهبتُ....لن أعودْ
- قد حفرتُ هاهنا قبرا لحبي
- وكتبتُ فوقه تاريخ ميلادي
- وبكيتُ ساعة فوق ترابه
- ونسيتْ
- كان لي في ما مضى قلب يحبُّ
- غير أني خنتُ قلبي
- ومحوتُ ذكرياتي
- وهدمتُ معبد الحبِّ الكبيرْ
- ثمَّ غيرتُ طريقي
- فاكتشفتُ
- أنني مازلتُ يا أنتِ أحبُّ...ولكن لن أعودْ
- ***
- في خضمِّ القادمين من هناك
- من وراء البحر من أرض تليها
- قد أضعتُ خطوتي
- في طريق مقفرة
- واحتوتني ظلمة كالموت كانت قاسية
- كم حلمتُ...كم حلمتُ...كم حلمتُ
- وإذا روما تصير المقبرة
- -----------------------------
- رشيد خلفاوي
الاثنين، 8 يناير 2018
رومــــا الحلــــم والمقبــــرة //// بقلم رشيد خلفاوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق